الثلاثاء، 15 أبريل 2008

المتنصرون والدولة(1)........محمد حجازى

قبل الخوض في أزمة العلاقة بين المتنصرون من جانب والدولة المصرية من جانب اخر فانه من الواجب علينا بما اننا حقوقيون ومؤمنون بالإعلان العالمي لحقوق الإنسانان نبداء اولا بفك هالة الأسئلة المسكوت عنها طالبين الوصول إلي قدس اقداس الحقيقة ,إلي قدس اقداس الحيادية والشفافية وإحترام الأخر فنحن نؤمن بأن حريتنا تنتهي عند الحد الذي تصبح عنده حرية الاخر مهددة ومعرضة للإمتهان ...ولنبداء بالسؤال الأزلي ,حجر العثرة الذي يبتر أقدام كل علماني وكل ليبرالي وكل سائر في الطريق الحقوقي في هذا البلدوالذي صار رأس الزاوية في هذا المبحث.....مصر ..هل هي دولة مدنية ؟؟!! ولنبداء سويا بتكسير هالة العبارات النمطية والمصطلحات المعجمية ولنتسائل بدايتا :ماهي الدولة المدنية ؟؟!!تعرف الدولة المدنية الحديثة ودولة القانون العلمانية بالدولة الحيادية وهي التي توفر مجهوداتها وتختصرها عند تنظيم الشروط اللازمة لإحترام الأفراد بعضهم البعض,وبهذا المعني تصبح مجرد حيادية توفر للأفراد إستقلال عقائدي لايلزم أيا منهم بشمولية فكرية,بل وتعدد وتنوع مصان ومحترم والان لننطلق من هذا التعريف إلي عمق اعماق الأزمة متسائلين :هل ينطبق هذ التعريف علي الدولة المصرية ؟؟إننا بنظرة أولية ومبدئية علي الدستور المصري نجد انه ومنذ البداية وفي اول مواده بداء في إنتهاك الحيادية وتمزيقها بسيف العروبة ,حيث نجده يعلن منذ البداية (جمهورية مصر العربية)ثم ناتي الي المادة الثانية منه والتي تنص علي ان (الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية,ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)من هنا فإننا نجد أن الدولة التي هي اصلا كيان إعتباري ومعنوي لها دين (وهو الإسلام) ولغة (اللغة العربية)ومصدر رئيسي للتشريع (الشريعة الإسلامية) ونحن نتسائل أليست هذه هي أضلاع مثلث الدولة الدينية الشمولية؟؟!!هذا علي المستوي النظري والدستوري فماذا عن المستوي العملي والتفيذي؟!!ولعله من البديهي ان الدولة (أي دولة) تتكون من مجموعة من المؤساسات لذا وجب علينا أن نقفز فوق أسوار الزيف وغير معترفين بالخطوط الحمراء وغير خاضعين لأي هالة تقديس مزيفة لنصل لعمق أخر من أعماق الأزمة وهو: هل التزمت مؤساسات الدولة المصرية بالحياد؟ أم إنتهكتها وداست عليها تحت الأقدام مثلما فعل دستورها ؟؟!!ونظرا لأننا لانستطيع في هذا المبحث الصغير ان نقوم برصد كل إنتهاكات الحيادية والتي تقوم بها مؤساسات الدولة المصرية ,فإننا سوف نكتفي هنا بذكر أمثلة من هذه الإنتهاكات المؤسسية والتي اصبحت تاخذ صبغة أيدولوجية وليست مجرد خطايا فردية عابرة كما تريد الدولة ان تصورها أولا:المؤسسة التعليمية التعليم في مصر ينتمي ألي عدة جهات هي :(1) التعليم الحكومي العام حيث ينقسم هذا التعليم إلي :أ- التعليم الاكاديمي:وهناك تمييز صارخ في ها النوع من التعليم ,فمثلا توجد كليات يقتصر الدخول فيها علي المسلمين فقط مثل:كلية دار العلوم وأقسام اللغة العربية بكليات التربية والأداب!! ب- الكليات العسكرية:وهذه الكليات لاتقبل إلا نسبة ضئيلة جدا من المسحيين(لاتتجاوز 1%)ولاتعبر حتي عن النسبة بين عدد المسحيين بالنسبة للمسلمين ,فضلا عن عدم قبول هذه الكليات للبهائيين مطلقا!!ج- التعليم الأزهري ويبداء من مرحلة الطفولة وينتهي في بالجامعة والتي تشمل جميع التخصصات المهنية الأكاديمية ,ولايقبل هذا النوع من التعليم غير المسلمين!!(2)التعليم الأهلي (3) التعليم الاجنبي ومايهمنا هنا في هذا المبحث الصغير ,بما اننا بصدد كشف موقف المؤسسة التعليمية من بين الحيادية والتمييز هو التعليم الحكومي العام بكل تاكيد وبنظرة متفحصة لأنواع التعليم الحكومي والذي عرضناه منذ قليلل نجد انه ينقسم لثلاثة انواع :نوع منه ترفض بعض كلياته وجود غير المسلميين فيها ونوع ثاني لايتجاوز وجود المسحيين فيه (1%) ولا يقبل البهائيين فيه ,ونوع ثالث لايقبل مطلقا وجود غير المسلميين فيه !!هذا من حيث التقسيم المبداءي ,فما أدراك بطبيعة المناهج التي تدرس في هذه الانواع من التعليم !!ولكن ,وقبل الخوض في الطبيعة العنصرية لهذه المناهج لابد من التنويه عن ملاحظة هامة للغاية وهي : أن التعليم الحكومي العام بكل أنواعه يمول من الضرائب التي يدفعها كل المصريين(مسلمين ,مسحيين,بهائيين,يهود,واللادينين..الخ) والسؤال هنا إذا كانت النسبة الكبري من هذه المؤسسات التعليمية الحكومية لاتقبل غي المسلمين ,فماذا نعتبر الضرائب التي يدفعها غير المسلمين,والتي تبني بها هذه المؤسساسات العنصرية هل نعتبرها جزية عن يد وهم صاغرين؟!!!!!!!!! ناتي الأن لإلقاء الضوء علي بعض الامثلة من المناهج التي تدرس في التعليم الحكومي العام:(1) في الكتاب الحكومي التعليمي الذي توزعه الحكومة مجانا ليدرس في المدارس الإبتدائية ,للفرقة الثالثة الإبتدائية,والتي لايتجاوز عمر الطالب فيها 9 سنوات ,نجد هذه العبارات فيه :-ماهو وطنك ؟ الاجابة:مصر -ماهو دينك؟ الاجابة :الإسلام-ماهو إسم نبيك؟ الاجابة :محمدوالسؤال هنا :ماهو شعور الطفل غير المسلم وهو مجبر علي دراسة وتلقن هذه العبارات ؟!! وتعالوا سويا نلقي نظرة سريعة علي المناهج التي تدرس في التعليم الحكومي العام في مصر ,مكتفيين هنا بمناهج فرقة واحدة هي الفرقة الثالثة الإبتدائية,وهي تمثل سن عمري صغير للغاية(9 سنوات) يبداء عندها تكوين وعي الطقل وإدراكه :منهج الصف الثالث الإبتدائي (أ) منهج مادة اللغة العربية الفصل الدراسي الأول :إقراء وتعلم -الوحدة الأولي :الحواس اهداف الوحدة :قراءة الاناشيد والأيات القرأنية,يتكلم هذا الدرس عن حاسة السمع كاعضو من الحواس,مسترشدا باية قرأنية من سورة (النحل 78) معنونة ب (إحفظ) مطالبة الطفل غير المسلم بحفظ مايتعارض مع عقيدته وإيمانه!!-الوحدة الثاينة: حيوانات تعيش في مجموعات 1- مجموعة الحيوانات والطيور في نهاية الدرس ينبغي ان يكون التلميذ قاردا علي ان يحفظ الأية القرأنية (سورة النور 45) درس رقم(4): فيه شفاء للناس اهداف الدرس :في نهاية الدرس ينبغي ان يكون التلميذ قادرا علي ان يحفظ الأيتين (النحل 68,69)-الوحدة الثالثة :الدرس الرابع: شكرا لك اهداف الدرس : في نهاية الدرس ينبغي ان يكون التلميذ قادرا علي ان يحفظ حديث رسول الله (رياض الصالحين) !!(ب) منهج الخط العربي محتويات كراسة الخط العربي الخاصة بالصف الثالث الإبتدائي في التعليم الحكومي العام نصا:تحية الإسلام السلام عليكم رد السلام:وعليكم السلام ورحة الله وبركاته ذلك الكتاب لاريب فيه (قراءن)الله رؤوف رحيمالزكاة ركن من اركان الإسلام الناس بخير ماتعاونوا (حديث لرسول الإسلام)اللهم لاتجعلنا من الضالين المضلين ما ملاء إبن ادم وعاء شرا من بطنه (حديث)ليس المؤمن بطعان أو ولا لعان ولا فاحش(حديث)شرف الله لغتنا العربية بالقراءن الكريم وأعدوا لهم ماإستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم (قراءن)وهل بكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم (حديث)من اركان الإسلام شهادة ان لا إله إلا الله أن محمد رسول الله رب إشرح لي صدري ويسر لي امري (قراءن)لقد خلقنا الغنسان في احسن تقويم (قراءن)!!!!!!!!!!!!نكتفي هنا بعرض محتويات هاتان المادتان (الللغة العربية والخط العربي)واللتان تمثلان صف دراسي واحد (الصف الثالث الإبتدائي)من التعليم الحكومي العام وذلك لعدم القدرة علي رصد كل إنتهاكات التعليم الحكومي العام للحيادية والمواطنة في هذا المبحث الصغير ,ولأن هذا العرض السابق كافي لإيضاح مدي دينية وشمولية مناهج التعليم الحكومي العام والذي يمول من ضرائب كل المصريين !!أما بالنسبة للتعليم الأزهري ,فهو كارثة في حد ذ اته وسوف أكتفي هنا بإيراد فقرة واحدة من كتاب واحد يدرس في كلية الدعوة الإسلامية ,وهي الكلية التي تقوم بتخريج الدعاة المسلمين والذين يرجع اليهم المسلم في كل صغيرة وكبيرة لفهم دينه وإسم الكتاب(الإقناع في حل ألفاظ ابي شجاع) والذي جاء فيه نصا:(الإستنجاء,باب تنظيف المؤخرة بعد التغوط:فإذا كانت الاداة المستخدمة حجرا فله شروطه وهي ان يكون جامدا طاهرا قالعا ,ولايجوز إستخدانم الورق المحترم وهو ماكتب عليه إسم معظم او عليم كحديث وفقه ,لكن يجوز إستخدام الورق غير المحترم مثل ماكتب فيه علوم الفلسفة او المنطق او بورق التوارة والإنجيل)!!!!!!!!!!! (الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع شرح الجزء الأول صفحة 73 ) كارثة لاتحتاج إلي تعليق !!ولكن هنا سؤال يحتاج إلي أجابة وهو :عندما تأتي إحدي مؤسسات الدولة الرسمية وهي مؤسسة التعليم كامؤسسة تمول من الضرائب التي يدفعها كل المصريين لستتبعد غير المسلمين من معظم أقسام التعليم فيها ,ثم تفرض علي غير المسلمين تعلم النصوص الدينية الخاصة بالديانة الإسلامية وثم تعلم المسلمين في الكليات الأزهرية بأن يمسحوا مؤخراتهم بعد التغوط بالكتب المقدسة في الديانات الأخري واصفة إياها بالكتابات غير المحترمة ,فهل هناك أحد يستطيع ان يتشدق ويقول أن هذه المؤسسة لها ادني علاقة بالحيادية والدولة المدنية ,ام أن الحقيقة الصادمة انها حقا مؤسسة دينية شمولية عنصرية دون ادني شك ؟؟!! وفي نهاية هذه الفقرة والخاصة بموقف مؤسسة التعليم الحكومي العام من المدنية الحيادية ,اريد ان اوضح بعض مظاهر هذه الإنتهاكات نقلا عن تقرير (المركز المصري لحقوق الإنسان)والي جاء في احد فقراته تحت عنوان (اولا مظاهر التمييز المقنن):(1) وجود جامعة دينية 0جامعة الأزهر)مقصورة علي الطلاب المسلمين فقط ولايسمح بدخول الطلاب الأقباط فيها ,رغم أن بها الكليات المدنية كالطب والهندسة والعلوم الوزراعة واللغات والترجمة , ورغم ان هذه الجامعة كابقية الجامعات تمول من دافعي الضرائب المسلمون والأقباط علي السواء.(2)وجود كليات تابعة لجامعات مدنية يقتصر الدخول فيها علي المسلمين فقط مثل كلية دار العلوم واقسام اللغة العربية كليات التربية والاداب (3)عدم السماح للطلاب الأقباط بدخول كليات الشرطة إلا بنسبة معينة تقل عن نسبتهم العددية في الدولة .(4)تجاهل مناهج التعليم حقبة طويلة من التاريخ الوطني (ستة قرون كاملة )تبداء من دخول المسيحية مصر وحتي الفتح الإسلامي رغم ان هذه الفترة مليئة بالبطولات التاريخية والتي تنمي الشعور بروح الإنتماء والوطنية .(5)تجاهل الاقباط في مقرارات المدارس حيث توضع نصوص قرانية وأحاديث شريفة كامحفوظات في مادة النصوص بينما تستبعد تماما اي ألفاظ او عبارات تشير ولو من بعيد إلي ايات من الكتاب المقدس .(6) تخفيض مدة التجنيد لحفظة القراءن الكريم غلي سنة واحدة لغير حاملي المؤهلات بدلا من ثلاث سنوات بينما لايتمتع المجندون غير المسلمون بهذه الميزة حتي لو حفظوا كتابهم المقدس كله (7)تجميع التلاميذ الأقباط في المدارس الحكومية في فصل واحد وخروجهم من حصة الدين حتي لو كانوا الاغلبية العددية وصعوبة مايجدونه من عناء في البحث عن فصل شاغر لاخذ حصصهم الدينية والتي كثيرا مايتلقونها في معمل المدرسة او المكتبة او الفناء ,ناهيك عن جرح مشاعرهم من ذلك التمييز.(8)وجود مسجد او زاوية او مصلي في كل مدرسة إبتدائية او إعدادية أو ثانوية حتي لو كانت مدرسة خاصة تابعة لهيئة مسيحية اصبح امرا ضروريا وعاديا بينما لايسمح للتلاميذ غير المسلمين باأدء شعائرهم وطقوسهم الدينية داخل هذه المدارس .(تقرير المركز المصري لحقوق الإنسان,فقرة :التمييز الطائفي في مجال التعليم )من كل ماسبق يظهر بجلاء ان الدستور المصري هو دستور ديني لدولة دينية وان مؤسسة التعليم الحكومي العام هي أيضا مؤسسة دينية وهنا نقف ,علي ان نكمل في المقال التالي باقي إنتهاكات المؤساسات الرسمية للدولة المصرية ,حتي نحدد موقع الدولة المصرية بين الدينية والمدنية ,كاضرورة وأهمية قبل الخوض في أزمة العلاقة بين المتنصرون المصريين ودولتهم المصرية وللحديث بقية............كتب:محمد حجازى

هناك تعليق واحد:

الغريب يقول...

الة السلام الذي يفوق كل عقل يحفظكم من كل شبة شر في اسم ربنا يسوع المسيح
www.ghareep.blogspot.com